آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

هذه المرة، الواقعة مختلفة

اليمن اليوم-

هذه المرة، الواقعة مختلفة

عريب الرنتاوي

ما حدث في إربد، يبدو مختلفاً تماماً عمّا شهدناه خلال السنوات الماضية ... طوال سنوات الفوضى والاضطراب الخمس الفائتة التي ضربت الإقليم، كنا نتحدث عن أردنيين يذهبون لـ “الجهاد” في سوريا والعراق، ونستقبل بين الحين والآخر، جثامين بعضهم ... كنا نتحدث عن “سيناريوهات” و”احتمالات” وصول يد الإرهاب السوداء إلى “الداخل” الأردني، وهي التي أحاطت بنا الشمال والشرق والجنوب (سيناء) ... كنا نرقب حالات تحريض وتجنيد وترويج للفكر التكفيري العنيف، وشهدنا على حوادث فردية منعزلة، ربما تندرج في خانة ما يعرف باسم “الذئاب المتوحدة”.
هذه المرة، الإرهاب يتخذ من ثاني مدينة أردنية “مأوى” لـ “خليته النائمة”، ويخطط من بين ظهرانينا لعمليات إرهابية، تستهدف أمن الأردن وحياة الأردنيين ومعاشهم ... هذه المرة، نتحدث عن خلية مسلحة ومدربة ومجهزة بأتم تجهيز، وليس مستبعداً، بل مرجحا، أن يكون لها ارتباطات وامتدادات، داخل الأردن وخارجه ... هذه الواقعة تشبه حالة “إعلان حرب” تستهدف أمننا، وتسعى في استدراجنا إلى سيناريو الفوضى الذي عمّ المنطقة.
للجريمة التي شارف الإرهابيون على مقارفتها، وقع مختلف... نحن نتابع يومياً، وعلى مدار الساعة، صور وأنباء الأعمال الإجرامية البشعة التي يقارفها التنظيم الإرهابي في الدول القريبة والبعيدة ... لكن الصورة والأنباء هذه المرة، تُبث من إربد، والإرهابيون الذين لم نتعرف هوياتهم بعد، يبدو أنهم “منّا” ... والمستهدف بالإجرام هو نحن، مواطنين ومؤسسات وأجهزة أمنية وعسكرية ومدنية ... ما يجعل من هذه”الواقعة”، جرس إنذار مدوٍ، للأردنيين جميعاً، وليس لأجهزتهم الأمنية والعسكرية فحسب، للحكومة والوزارات والمؤسسات والمجتمع المدني والأحزاب السياسية، وكل مواطن ومواطنة من دون استثناء.
لم يساورنا القلق يوماً، بأن يقظة الأجهزة الأمنية، وكفاءة المؤسسة العسكرية، كفيلتان بإحباط خطط الإرهابيين ومحاولاتهم السوداء نشر الفوضى والدماء في ربوع البلاد ... كما لم تساورنا لحظة شك، بأن ما منع داعش عن استهداف الأردن، هو عجز التنظيم عن اختراق التحصينات الأردنية، فالأردن كان ولا يزال، مدرجاً على جدول أعماله، ومرصّدا في “بنك أهدافه”، ولعل “العملية الاستباقية” التي نفذتها الأجهزة المختصة، ضد الخلية الإرهابية، وبحرفية وجرأة متميزتين، هما تأكيد إضافي على ما ذهبنا إليه.
لكن الحرب على الإرهاب، ليست مهمة الأمن والجيش وحدهما ... فالإرهاب ليس نبتاً شيطانياً، وإنما هو “ثمرة مرة” لبيئة مخصّبة، بأفكار الغلو والتطرف، ومن دون تجفيف هذه البيئة، وسد مصادر التطرف ومنابعه، سنبقى على الدوام، في دائرة الخطر، وسيبقى التهديد الإرهابي، سيفاً مسلطاً على أعناق الأردنيين والأردنيات.
القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، تقوم بواجبها على أكمل وجه، وربما تكون قد تفوقت على نفسها من حيث كفاءة الإنجاز وحرفيته، بيد أن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح، هو: هل قامت الحكومة بإداراتها وأجهزتها المدنية المختلفة، بما يتعين عليها فعله، لمحاربة ظاهرة التطرف والغلو،المتفشية؟ ... هل قمنا جميعاً، من أحزاب ومجتمع مدني ونقابات ومثقفين وجامعات، بما يتعين علينا فعله، لاستئصال هذه الظاهرة من جذورها؟ ... وكم “جرس إنذار” نحتاج، حتى نجرؤ على شُرب “حليب السباع”، ونشرع في القيام بواجباتنا، بعزم ووعي وثبات، ومن دون خضوع لابتزاز هنا، أو لحسابات صغيرة هناك؟
قبل أزيد من عام، كان الشهيد معاذ الكساسبة يرتقي إلى جوار ربه، يومها استنفر الأردنيون عن بكرة أبيهم، وخرجنا بأوسع الحملات وأكبر الشعارات المنادية باستئصال التطرف واجتثاث جذوره في المدرسة والجامعة والمسجد، وفي السياسة كما في الاقتصاد والاجتماع ... بدا أننا بإزاء واحدة من “فزعاتنا” لا أكثر ولا أقل، فما أن بردت دماء الشهيد الطيّار، حتى عدنا لممارسة أعمالنا كالمعتاد ... وقبلها مَرَرنا بتجربة مماثلة، زمن الهجوم البربري على الفنادق الثلاثة، وأخشى ما نخشاه أن نعاود يومياتنا المتثاقلة مرة أخرى، ما أن يوارى الشهيد النقيب راشد الزيود الثرى، وتنتهي مراسم العزاء.
لسنا قلقين من “البعد الأمني – العسكري” لحربنا على الإرهاب، فلدينا من الخبرة والكفاءة والإنجاز، ما يثير الطمأنينة في النفوس والعقول والقلوب ... بيد أننا قلقون أشد القلق، من “ترهل” و”عدم كفاءة” جهازنا المدني، الحكومي وغير الحكومي، فهل تكفي “واقعة إربد”، لكي توقظنا من رتابتنا، وتضخ في عروقنا وعقولنا، طاقة جديدة، للعمل بذات الكفاءة والخبرة، في ساحات الحرب على التطرف والغلو؟ ... سؤال برسم الحكومة، ولكنه ليس برسمها وحدها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هذه المرة، الواقعة مختلفة هذه المرة، الواقعة مختلفة



GMT 09:48 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

التزوير نهجنا.. فمن أين يأتي الفرج؟!

GMT 07:49 2019 الإثنين ,20 أيار / مايو

عيون وآذان (ترامب وأعداء لبلاده من اختراعه)

GMT 06:25 2019 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

أوراق فلسطينية

GMT 12:25 2019 الأربعاء ,13 آذار/ مارس

جماعة الإخوان.. لو يستمرون في الصمت أفضل!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 07:18 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

برونو مارس يُعلن فوزه بـ " جائزة غرامي " لأغنية العام

GMT 19:30 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 08:30 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

سوبارو تكشف عن سيارة جبارة للطرق الوعرة

GMT 13:56 2021 الإثنين ,24 أيار / مايو

بريشة : علي خليل

GMT 03:13 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 01:54 2017 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

بيلا حديد تبرز في ثوب أبيض في شوارع نيويورك

GMT 10:32 2021 الإثنين ,19 تموز / يوليو

ظروف معقدة يستقبل بها اليمنيين عيد الأضحى

GMT 23:55 2016 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الجزيرتان كشفتا عيوبنا

GMT 11:10 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

زوجة تضع المنوّم لزوجها لتتمكن من خيانته مع جارهما

GMT 14:26 2018 الخميس ,08 آذار/ مارس

"جونو "تدور حول كوكب المشتري منذ العام 2016
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen