بقلم/ عماد الدين أديب
لعبت قطر فى الساعات الأخيرة لعبة ماكرة للغاية، حينما وقعت أمس الأول فى الدوحة مع الولايات المتحدة الأمريكية ما يعرف بمذكرة تفاهم حول مقاومة الإرهاب ومصادر تمويله.
تم ذلك أثناء زيارة وزير الخارجية الأمريكى ركس تيلرسون للدوحة أثناء جولته فى المنطقة؛ لمحاولة التوصل إلى تسوية لملف ما يعرف بالأزمة الخليجية. وقال تيلرسون حرفياً: «إن قطر بتوقيعها على هذا الاتفاق تعتبر أول من التزم بقرارات مؤتمر الرياض الأخير لمواجهة الإرهاب»!!، والغرض من هذا الاتفاق هو قيام الدوحة بإعطاء واشنطن ما كانت تريده فيما يختص بمواجهة الإرهاب، بينما يبقى لكل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر بنودها التى لم تلتزم بها قطر منذ عام 2013 حتى الآن.
هذه اللعبة السياسية لن تنطلى على وزراء خارجية هذه الدول الذين اجتمعوا أمس الأربعاء فى لقاء جماعى مع وزير الخارجية الأمريكى فى جدة، كل هذه المناورات فى نهاية الأمر غرضها الأساسى إدخال الجميع فى متاهات ودهاليز سياسية تبعدهم عن الدخول فى السؤال الجوهرى والأساسى، خاصة عقب تسريب النصوص الأساسية والتكميلية التى وقَّع عليها زعماء دول مجلس التعاون الخليجى عامى 2013 و2014 وهو: «إذا كان أمير قطر قد وقَّع بمحض إرادته ووعيه الكامل على هذه النصوص ومرت قرابة 4 أعوام كاملة ولم يتم تنفيذ أى منها، فلماذا تطلب قطر الجلوس مع دول مجلس التعاون للتفاوض؟!».
هناك نصوص موقعة من أمير قطر، فهل ما زالت قطر ملتزمة بها أم تريد تعديلها أم التملص منها؟
إذا كانت ملتزمة بها فليس عليها سوى البدء بتطبيقها «ويا دار ما دخلك شر»! وإذا كانت تريد تعديلها أو التملص منها فعلامَ التفاوض؟، لقد وصلت قطر إلى لحظة الصدق، ومربع المواجهة التاريخية، لذلك عليها أن تقول لأشقائها «نعم» صريحة ملزمة أو «لا» صريحة نافية!
لا يمكن لقطر أن تفعل مثل سائق السيارة الذى يعطى إشارة ضوئية تجاه اليمين ثم يتجه بسيارته تجاه اليسار فيحدث تصادم مروع!، وما أخشاه أن تقوم واشنطن بمساعدة قطر بالهروب إلى الأمام من دفع فاتورة التزاماتها التى وقعت عليها بمحض إرادتها الكاملة، ثم راوغت على مدار 4 سنوات من تنفيذ أى بند من بنودها.
إن قطر ما زالت تعانى -للأسف الشديد- من آثار الاستقواء بالقاعدة الأمريكية لديها وبصندوقها السيادى البالغ 450 مليار دولار، ووجود قوات تركية على أراضيها والتلويح بإمكانية لعب الورقة الإيرانية فى الصراع.
ولا يمكن أن يكون الدور الأمريكى هو أن يقول لكل طرف من أطراف الأزمة ما يريده وما يرضيه.
إنها لحظة اختيار حاسمة للدوحة ولواشنطن على حد سواء.
أرسل تعليقك