ماذا يمكن لنا أن نتعلم من حفل تنصيب دونالد ترامب لمنصب الرئيس رقم 45 للولايات المتحدة الأمريكية؟
عندما شاهدنا حفل التنصب، ليس المهم الصلاة فى الكنيسة، أو تبادل الشاى فى زيارته للمرة الأخيرة للرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما فى البيت الأبيض، أو القَسَم أمام المسئولين والجماهير، أو احتفالات الرئيس الجديد.
أهم ما نتعلمه هو كيفية وجود نظام ديمقراطى لانتقال سلمى سلس للسلطة فى ظل شرعية دولة القانون التى تحترم حكم الصندوق الانتخابى تحت قواعد الدستور.
البعض يرى النظام الأمريكى على أنه شر مطلق، بمعنى أن الولايات المتحدة الأمريكية هى الشيطان الأكبر الذى استخدم للمرة الأولى والوحيدة القنبلة الذرية ضد مدنيين، وهى نظام رأسمالى متوحش، البقاء فيه للأقوى، وهى نظام جماعات المصالح، والصديقة المطلقة لدولة إسرائيل.
البعض الآخر يراها جنة الله الموعودة على الأرض، فهى حلم كل مهاجر، لأنها أكبر ديمقراطية فى العالم، وهى تعبير حى عن رؤية آدم سميث فى نظام الاقتصاد الحر، وهى مجتمع يشجع على المبادرة الشخصية الفردية، وبوتقة انصهر فيها كافة أشكال المهاجرين من كل جنس وعِرق ودين وطائفة وطبقة.
فى حقيقة الأمر الولايات المتحدة ليست جنة الله الموعودة، ولا هى الشيطان الأكبر، إنها تجربة إنسانية ثرية فيها ما يدعو للإعجاب، وفيها ما يدعو للرفض.
لكن أهم ما فى تلك التجربة أنها وقفت ضد النازية فى الحرب العالمية الثانية، ودعت إلى الحريات وحقوق الإنسان، ورفضت العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، وقامت بقصف الصرب فى عهد بيل كلينتون، وهى الدولة ذات أكثر حملات العالم تأثيراً فى سوق النقد العالمية، وهى موطن العلم والتكنولوجيا والاتصالات والفنون، وهى صاحبة الثقافة الشعبية الأكثر تأثيراً فى العالم المعاصر.
أقل من النصف صوَّتوا فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة ضد «ترامب» وأكثر من النصف صوَّتوا له، وكان فوزه ليس بالصوت الشعبى، ولكن من خلال أصوات المجمع الانتخابى لكل ولاية.
ورغم الذعر من وصول «ترامب» إلى السلطة ورفض كثير من القوى والجماعات له، فإن الجميع احترم فوزه، لأنه يتفق مع قانون التجربة الديمقراطية.
الآن أصبح «ترامب» رئيساً شرعياً وله كل سلطات الرئيس والقائد الأعلى للجيش الأمريكى، وله الحق المطلق فى استخدام الصندوق الذى يطلق الحرب النووية.
الآن يحترم الجميع التجربة الديمقراطية فى الانتقال السلس.
لم يفجّر أحد سيارة أو يطلق رصاصة احتجاجاً على رئاسة «ترامب»، لكن من يريد الاعتراض له ألف وسيلة ووسيلة مشروعة كفلها القانون.
الاتفاق والخلاف فى ظل الشرعية والنظام هما أساس أى تجربة ديمقراطية.
هذا هو أعظم ما فى التجربة الأمريكية!
ولمن يريد التشكيك فى هذا الأمر، فإن 44 رئيساً قبل «ترامب» تسلموا السلطة بسلاسة خلال 228 عاماً!
المصدر صحيفة الوطن
أرسل تعليقك