حققت أميركا اللاتينية قبل عامين وفي الشهر ذاته، رقما قياسيا من حيث عدد النساء اللاتي يتربعن على رأس الدولة وهن أربع في المجمل.
وغادرت كل من كريستينا كيرشنر من الأرجنتين ولورا شينشيلا من كوستاريكا منصبيهما، بينما بقيت كل من ميشيل باشيليت في تشيلي والرئيسة البرازيلية ديلما روسيف. وتقاتل السيدة روسيف حاليا من أجل حياتها السياسة ضد إجراءات إقالتها التي بدأت الأسبوع الماضي بسبب مزاعم تتحدث عن تلاعبها في الحسابات لإخفاء العجز المتزايد في البلاد.
وحظيت الإناث منذ العام الماضي بعضوية ربع غرف البرلمانات في جميع أنحاء العالم تقريبا، بما يعادل 30% وفقا للاتحاد البرلماني الدولي(IPU)، وفي الوقت نفسه زاد عدد المجالس الحكومية التي تخلو تماما من الإناث من 5 إلى 7، وأوضحت جميني بانديا المتحدثة باسم الاتحاد البرلماني الدولي" نعتقد أنه من المهم أن يكون هناك عدد أكبر من النساء في السياسة، خصوصاً وأن الديمقراطية تعني تمثيل جميع الأصوات والجماعات في السياسة، ويساعد وجود قادة من النساء على كسر الحواجز باعتبارهن قدوة، فضلا عن أثر ذلك على النساء الأخريات والقضايا المتعلقة بالمرأة وحقوقها".
وعلى الرغم من ذلك إلا أن بعض المعلقات من النساء شككن في اعتبار السيدة روسيف نموذجا يحتذى به للإناث، وأشارت الكثيرات إلى اعتقادهن بأنه لم يتم انتخابها على أساس الجدارة، ولكن على أساس اختيار سلفها السابق لوريثه.
وكتبت تانيا نافارو سوين الأكاديمية المتخصصة في مجال التنوع الاجتماعي ودراسات المرأة على مدونتها الخاصة " باعتباري نسوية أمنيتي أن أرى المرأة في الرئاسة لجدارتها الخاصة وكاريزمتها وهو للأسف ما لم يحدث، ومن غير المحتمل أنه بدون دعم الرئيس السابق لها أن تصل إلى هذا المنصب".
وغادر الرئيس السابق لويس ايناسيو لولا دا سيلفا بعد موافقة أكثر من 80% ما سمح له بتمهيد الطريق لانتخاب السيدة روسيف (68 عاما) والتي كانت رئيسة الأركان عام 2010، وكانت مستعدة لإرث دا سيلفا في وقت سابق هذا الشهر عندما أعادته إلى حكومتها في مواجهة الضغوط المتزايدة إزاء أزمة الفساد.
ومع استمرار إجراءات عزل روسيف يواجه داسلفا أيضا اتهاما بغسل الأموال ما يعرضه للاعتقال في إطار تحقيق لم يسبق له مثيل لمكافحة الفساد والذي أطاح بالعديد من كبار السياسيين والمديرين التنفيذيين في البلاد، واعتبر الكثيرون أن تعيين روسيف لدا سيلفا كرئيس للأركان وهو الخطوة التي منعتها المحاكم حماية له من الاعتقال تقوض سلطتها كرئيسة للبلاد.
وذكرت كريستين لوبور أستاذ العلوم السياسية في جامعة ساو باولو " بهذه الخطوة يعد ما فعله الرئيس لإدانة ولايتها الخاصة"، مضيفة أن روسيف تنحت للعب دورالخديعة الثانية للسيد دا سيلفا مرة أخرى، وأنها أنهت الأمر قائلة بأنها لم تعد قادرة على أن تكون رئيسة للبرازيل، وباعتبارها أول سيدة للبرازيل كانت السيدة روسيف تجيب على الأسئلة الخاصة بالنوع بشكل غير ملائم.
وفي افتتاح الألعاب العالمية للشعوب الأصلية العام الماضي قالت روسيف في خطبتها " إن شعوب الكرة الأصلية تعد علامة على تطوير الإنسان العاقل والمرأة العاقلة إلى التسلية والسخرية"، وأشار البعض إلى أن هذا التعليق يساء فهمه باعتباره مصطلحا ذكوريا، وكانت هناك انتقادات بأن المرشحين للرئاسة عام 2014 تجنبوا الحديث عن الإجهاض الذي لا يزال غير قانوني في البرازيل، كما فشلت روسيف في إلقاء خطاب متلفز بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، فضلا عن التحديات التي يجب عليها مواجهتها والخاصة بالتمييز البرازيلي على أساس الجنس واستبداد الرجال، ومنذ انتخاب السيدة روسيف أثير نقاس حوا ما إذا كانت الرئيس أم الرئيسة والمصطلحين صحيحين لغويا إلا أن استخدام النموذج الأنثوي يجعل السيدة روسيف رئيسة البلاد بمسمى وظيفي أنثوي، وبالنسبة للنساء في المجال السياسي فيتخذ النقد عادة شكل كره النساء بدلا من الشكل السياسي.
وذكرت نادين جاسمين ممثلة المرأة البرازيلية في الأمم المتحدة " لا توجد معارضة أو احتجاج سياسي يبرر العنف بين الجنسين وهى الممارسة التي تبطل كرامة الإنسان"، وبينما يعتقد الكثيرون أن روسيف حققت إنجازا مهما بانتخابها إلا أنها أشرفت على تطورات هامة للنساء في البرازيل، وسنت روسيف قانون ضد قتل النساء يصنف القتل بدافع النوع باعتباره جريمة بشعة في بلد تُقتل فيها إمرأة كل ساعتين، ويشار إليها أيضا باعتبارها أقوى نسوية في العالم إلا أن عدم المساواة لا زالت مستمرة في البرازيل حيث تمثل النساء 10% فقط من الأعضاء المنتخبين.
وربما يكون النوع الاجتماعي غير ذي صلة عندما يتعلق الأمر باتهام السيدة روسيف ولكن مثل العديد من البلدان تواجه البرازيل تحديا مستمرا لضمان تمثيل عادل.
وقالت جانديرا فغالي الزعيمة الوحيدة لأحد الأحزاب في البلاد " أعتقد أن هذا يجب أن يكون تركيزنا في الفترة المقبلة بشأن المقاعد المخصصة للنساء، فبعض الأحزاب تدفع النساء إلى الأمام ولكنها ليست لديها حملة أو موارد أو بث وبالتالي لا يتم انتخابهن، ولكن الأمر ليس سهلا، ووجود إمرأة في البرلمان يرفع أهمية قضية المرأة"، وسواء بقيت السيدة روسيف في منصبها أم لا تحتاج البرازيل إلى تغيير هذا الشأن.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر